إنه يقف عارياً امام مرآة عريض تعكس أمامه صورة فتي أشقر الملامح ,أخضر
العينين له جسد نحيل ,متناسق ,ينسدل إلي جذع منتصب كغصنٍ من شجرة صفصاف في ربيعها
الاول .
يهم مرتدياً قميصه الاسود ,يرفع بنطاله الجنز الازرق ,ويعود لينظر للمرآة
,حيث رجلٌ يرقد علي فراشٍ وثير,يتوسد يمناه ,ويحمل سيجارته بيسراه ,ينظر للاعلي
وينفث دخانها في نشوة المسترخي الغارق في هدوءه .
إنه لا ينظر إليه ,.........إن الفتي يفكر.......... ,هو لم يعد يشعر
بوجوده ,إنه يحسد السيجارة التي تزور شفتاه في هذه اللحظة ,.................إنه يغار من ذلك الدخان
الذي يعلو كيانه فلطالما أحب ان يكون هناك .
وماذا عن تلك البقع الزرقاء المنتشرة علي رقبته ,يميل رأسه قليلاً ويلمس
تلك البقع بيده متأملاً إياها ,إنها تظهر دائماً بعد أن يفارق فراش ذلك الرجل ,تري
لماذا تظهر كل مرة ؟.........إنه يضطجع مع كثيرين غيره ولكن فقط فراش ذلك الرجل
يخلف علي جسده تلك البقع الزرقاء المخيفة ,يلتف وشاحه البرتقالي علي رقبته ليخفيها
, ثم يرتدي معطفه الاسود ويدور برأسه باحثا عن شئ أخر لا يجده........... أين هو
؟....... ,إنه يفكر .... آه لقد تذكر........... لقد نزعه حازم من أذنه وألقاه
بجوار الفراش حينما كانوا هناك .
ينحني ليلتقط قرطه من الارض ثم يعود وينظر للمرآة كي يضعه في حلمة أذنه اليسري
,دقائق يضبط فيها ثيابه ,ثم ينعطف نحو الرجل الراقد هناك ويبتسم :
هلا أوصلتني عزيزي ......
,هناك برود يلتف جسد ذلك الرجل وهو يرفعه من علي فراشه وينصبه علي الارض رافعاً
سرواله الابيض ,....................يقترب من الفتي وسيجارته ما تزال في فمه........... تكاد تفني بالكامل ,ألقاها
علي الارض ونفث دخانها في وجهه ثم مال علي شفتيه وغلفهما بشفتيه ,أغمض الفتي عينيه
وشعر بلسان الرجل يغزو فمه ,دمعة رقيقة أنسدلت من جفنه الايسر ,إلا أنه سارع وجففها
بكمه .
ثم وكزالرجل برقة وقال :عزيزي هيا بنا ...........
بسمة باردة تمر علي فم الفتي قبل أن يهم بالخروج من باب الغرفة
,فيسرع الرجل ليمسكه من يده ويسير بجواره ,.........................
هناك حديث مبهج يدور بينهما,يثير البسمات
علي أجواءهما ,حديث قادهما إلي باب الشقة الخشبي ,هناك حيث زاحم الرجل فتاه في
الزاوية الصغيرة بين الباب والجدار وقال له في نشوة غامرة بعيون سكيرة أريد قبلة
من فمك المعسول
- لقد أخذت كفايتك اليوم ..... أما لي أن أحصل علي ما لي ؟
- فقط قبلة واحدة من تلك الفرنسية التي تجيدها يا عمري , ....... ستأخذ ورقة بمائة زيادة عن آجرك لليوم .... إذ أنت أعطيتنيها .
- لا أريد - أجعلها مائتان
- حازم ............. أعطيني مالي وأتركني أذهب
- حسناً لا تمتعض هاهي ستمائة ...
- أجري أربعمائة فقط وأنت تدرك ذلك ...........(قالها الفتي في ضيق).
- المئتان ثمن القبلة التي حرمتني منها .
تبسم الفتي وقطف المال بهدوء من يد حازم ووضعه في جيبه ,ثم فتح الباب وهم بالخروج ,لكنه عاد خطوة وحضن حازم بقوة وهجم علي شفتاه بشغف ,ووكزه إلي الجدار وضغط علي جسده في نشوة أطلقت ما في جسد حازم من ثورة هائجة عصفت بكلاهما ,فأنطلقت أيدي حازم في كل أنحاء الفتي ,ولكن فجأة أنسل الفتي من بين يدي حازم وهرب من هناك ,
لحظات وشعر حازم بنفسه وحيداً في ضوء شقته
الخافت وقد أنغلق بابها خلف ذاك الفتي المعسول المذاق , قهقه حازم ودار حول نفسه
متنشقا بقايا عطره في الجو وثم توقف أمام السوفا البنية ,اللامعه هناك ونظر لكتاب
مكتوبٌ عليه * شفاء الحب * .....
ومن بين صفحاته اخرج قصاصه صغيرة مكتوبٌ
عليها * أول خطوة في العلاج هي الامتناع * ......... فنظر في المرآة فوق السوفا
وتبسم ملقياً الورقة علي الأرض ,
أما هناك في الشارع الخالي الغارق في برودة
أجواء الليل القارصة مضي الفتي مكدساً يديه في جيوبه وعلي خديه دموع قد تحولت
لبلورات صغيرات متجمدات تبرق تحت اشعة قمر وحيد في سماء خالية من النجوم,.........خطوات قبل أن يلحظ رجلاً يبدو عليه ضعف الحال
فوقف بجانبه وأخرج تلك النقود التي اعطاها له حازم ومدها للرجل تعجب الرجل لولهة
ثم أخذ منه المال ,فمضي الفتي في طريقه ,..........................نادي عليه الرجل :لكن هذا كثيرٌ يا ولدي
,فنظر إليه الفتي متبسماً و دموعه ما تزال علي خديه وقال :
لقد أخذت اليوم كفايتي من الدنيا .......... لاأريد
شيئاً أخر ,ومن ثم مضي في طريقه ما بين بسمة خافتة ودمعة مترقرقة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق