السبت، 21 يناير 2012

ما بين الاه واللذه (الحلقة السادسة )


ضوء خافت ينبثق من لهب شمعات هادئات ,منثورات علي أطراف الحجرة الغارقة في غموض الظلمات التي لم تغزوها خافتات الشمعات ,والفتي المكلوم الفؤاد يقف في وسطها بقميصٍ أحمرٍ فضفاض قد كدسه في بنطاله الأسود الحريري ,وقد أسدل ازرار قميصه كاشفاً عن صدره الفسيح ,يحمل وردة حمراء بلون قميصه الدامي ,................................يبدو من ملامحه انه ينتظر شيئاً ما .
هذه البسمة التي علي وجهه توحي بأنه اطال الانتظار ,فالبسمة كالزهور إن أطلنا عنها الغياب ولم نروها ذبلت وضاع عبيرها ,كذلك هي بسمته كادت تذبل ويضيع شجاها ,لكن هناك ندي جميل يتساقط علي مشاعر الفتي ,ندي يبقيها مورقة ويحفظ شجاها أبداً .
عينيه اللامعتان تترقبان مقبض الباب بفارغ الصبر ,حالما شعر به يتحرك أرتعد جسده ,رآه يدور فدق فؤاده ,ثم رآه ينبسط ولهة فولهة فكأن بسمته غمرها فيض نهر الاردن ,وغطاها فيض طمي النيل ,تجددت عبراتها علي خديه وملأ الاجواء عبير شجاها .
هناك رجلٌ يدخل ,يحمل حقيبة في يده ... يغلق الباب ........يدور متنشقاً عبير عطر بسمة الفتي في الجو ........ومن ثم ينظر إليه ..... تتسع بسمة الفتي حتي تكاد تفلق خديه وتظل تتسع وتتسع حتي تسع الكون .
يفتح الرجل ذراعيه علي مصراعيهما ويقترب ,حتي يتلاقا الاثنان ,تحيط يديه جزع الفتي ويحيطه كذا الفتي ,وردته لا تزال في يده ,إلا أن الكف الاخري مبسوطة علي ظهر الرجل وعينيه مغلقتان .........يأخذ نفس عميق كأنه يستعد للغطس بين ضلوع ذلك الرجل ...................... مضي وقت لم يكن فيه علي جسد الاثنان سوي بعضهما البعض ,دقائق من التوحد الجسدي والانسجام الروحي ,دقائق تنطفئ فيها وحدها اشواق العاشقين ,وتتولد بدلاً من لهيب ذاك الشوق لذة من حنين ,تتدفق فيها مياه الهوي لمصباتها في الجسد الاخر ومعها تنساب عواطف صادقة قد لا تجد بسوي ذلك المسري الرقيق مخرجاً من القلب العاشق ,هي دقائق تترك بعدها المحبين عراة الجسد والروح ,شفافي الصدور ,فياضي المشاعر .
فهي تنقي فيهم هواهم ,وتكشف عن ثنايا تبعث لروحيهما ثناء من هدوء وسلام ,فيضجع العاشق العاري بجوار معشوقه الهائم ,فكانما روحه غادرت جسده ,لا حركة ,لا صوت , لا همس ,لم تمت روحه فيه بل في الواقع ولدت فيها الحياة وهي تحتاج لتلك الدقائق من الاسترخاء لتنعم بصفاء بداية الميلاد .
هكذا أضجع الفتي علي فراشه يحملق في السقف ويبدو ضائعا"ً في عالماً أخر ,عالم من السكينة والسلام ,تحت قدميه يضجع ذلك الرجل العاري ,يراقب عيون الفتي التي لا ترجف ولا تأفل .
فتبسم وحمل قدمه ووضعها علي صدره ثم رفعها وقبلها ثم أخرج لسانه ولمس به كاحلها ,فنظر إليه الفتي وتبسم قائلاً :أما تخجل من تقبيلك قدمي ؟ ..
الرجل : كلا .........
فزادت بسمة الفتي .
ثم فجأة أحس بالبرد يصفعه ,ثم أرتجف ونظر حوله إن لهب الشموع يهتز , البرد يزداد ,الريح قادمة بقوة لتضربه بقسوتها المعتادة إنه يشعر بها , إنها آتية من يساره ,هاهي قادمة ,وضع يده علي خده الايسر في وضع الدفاع إنه خائف للغاية جسده يرتجف بقوة ,الرياح الباردة تصفعه علي يسراه فتهتز لها ركائنه , عاد يفتح عينيه ,ويخرج من وضعية الدفاع ,فكان كل شئ مختلف .
ليس الفراش الاحمر الناعم الوثير ,ليس ضوء الشموع الخافت الرومانسي الوقع علي ظلمات غرفة دافئة ,ليست عطور الشموع ما ينتشر في الجو ,وليس طيب أنفاس ذلك المحبوب الذي كان ,كل شئ أصبح مختلف ,فأول ما راود ذهن الفتي المسكين : أين أنا ؟؟....؟؟....؟؟ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق