السبت، 7 يناير 2012

البحث عن المثالية


حينما تغمرني تلك المشاعر الغريبة من الحزن غير المبرر أجد نفسي أميل إلي الوحدة وكأن الناس شحنات مشابهة لي تتنافر معي وتوترني ...........فأجد من الوحدة خير صديقٌ يتفهم معاناتي.
إنها حقاً صديق جيد .
يمكنني أن أبقي ساعات طوال أجلس في هدوء غريب دون أن يرف لي جفن .
أحيانا  أفكر بعمق في مجري حياتي ,ومحيطي فأخرج بخطط جديدة للغد ,وأحلام وأمال زهرية اللون.
ربما أجلس صامتاً في بحر من الصفاء الخالص حيث لا فكر ولا شائبة تشوب ذاك الفراغ التام ,وذاك الصمت المطبق .
لحظات من إنعدام الوجود .
وكان الزمن يتوقف وتكف الأرض عن الدوران .
فقط شعوري بالحياة هو ما يظل يهمس لي .
وفجأة وبين هذا الصمت الدماغي المبهم تعمل خلايا دماغي في مرة واحدة بعد التوقف والتراخي فكأن ألف ماكينة تدق أتراسها في آن واحد .
فتخرج لي أفكار جديدة ونظريات حديثة .
فكرة رواية جديدة ,وأول بيت في قصيدة عفوية .
أول سطر في خاطرة عميقة .
أول لون في لوحة ساحرة ,أول رائحة لعطر أخاذ .
لكن ليس دائماً ما يفاجئني بالخيرات فهو أحياناً يفاجئني بالصمت المتين والحزن العميق غير المبرر .
حزن يطفو فوق خيامي ويظلل أيامي .
ربما هي مشاعر المراهقة تحكم مجري حياتي .
لكن الغريب أني أحبها كثيراً .
أحبُ الحزن........... ,الخمول في مشاعري............,والتراخي في أحاسيسي .
بالضبط نفس الاحساس الذي يعتريني في هذه اللحظة .
وكأن الهواء فقد رائحته والماء لم يعد له طعم ,والسماء تحولت للون رمادي كئيب.
والجو يبرد وبرده يلفني كما يلف كل شئ من حولي .......برد رخيم يسيطر علي كل الاشياء ,ويجعل كل شئ يفقد معناه حتي الكلمات إذ ما نتلفظها يلفحها بسوطه حتي تفقد ما تحمل من معني .
فلا للشعر معانيه السامية ولا للأدب تأثيره العميق .
كل شئ يصبح سطحي خالي من المشاعر ,خالي من الدفء .
حتي اللهب حالما يشتعل لا نجد فيه دفئه ,وكانه يتهادي مع دخان المدفأة .
حتي لونه البرتقالي المميز يتهادي ليتحول للون رمادي باهت حزين .
بلي كل شئ يصبح له ذلك اللون الحزين .
حتي الزهور حالما يغطيها ذلك السقيع تفقد لونها مع رائحتها وتصبح أشياء سخيفة سطحية لا قيمة تحمل ولا معني لها .
هكذا هي المثالية ,سقيع رخيم يعصف بالاشياء فيعدمها ويلفح الجمال فيجير عليه .
فالمثالية تعني خلو الاشياء من أخطائها .
فإذ ما خلت حياتنا من أخطائها فقدت شغفها ومميزاتها , وفقدنا منها شهوتها .
فالغلطات في الجمال هي سر الجمال .
لا توجد وردة كاملة ولا دفء حقيقي ولا أمرأة مثالية ولا رجل متناسق , كل الجمال ينقصه شئ .
شئ إن اكتمل فيه لا يصبح جمال بل يتحول لشئ كئيب لا شغف فيه ولا معني .
ورغم هذا نظل نبحث عن المثالية وتظل هي حلم لا يتحقق .......
فالمثالية الحق والتي تعني الوصول لغاية الجمال وغاية الفضيلة هي أسطورة لا تمس للواقع بصلة ,فلا شئ غاية الجمال ولا غاية الفضيلة .
كلنا بشر ,كلنا ينقصنا من الفضيلة شئ وهو ما يجعلنا كما نحن ... ........هو ما يجعلنا علي طبيعتنا .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق