أستيقظت علي صوت زخات المطر وكأنها سياطٌ تجلد الأرض بقسوة
فأسرعت إلي الشارع أرقص تحت المطر تماماً كما نفعل جميعاً في تلك اللحظات .... ولكن فقط حينما يواتيني من الجرأة حد الجنون
.......... وبكيت هناك وأجهشتُ بالبكاء دون أن أدري ما السبب
ومضي المطر إلي حاله ومضت معه دموعي إلي ركنٍ بعيد منتظرة عاصفةً أخري تضرب فيها ثكناتي
وخلفت في داخلي آساها المعتاد ...... كما خلف المطر وراءه ارضاً ترابية قد أستحالت وحلاً وسماء صباحٍ غائمة رمادية اللون .... ذات ضوء هادئ .... رقيق .... كأنه ضوء القمر ..... ضوءٌ خجولٌ منكسر
ولكم أعشق هذه الايام الغائمة !!!
فهي أيامٌ هادئة تغلب علي ساعاتها الكآبة كذاتي ’ أيامٌ قاتمة كروحي
أيامٌ تشعرني بنشوة الانتماء
كما لو أن الكون فيها بات يحاكيني
وكأنه قد شف ألوانه من داخلي
فيها أترك أحاسيسي تتناثر لتملك كل الذي يشبهها في محيطها
ففيها وفيها فقط أشعر بروحي تهيم حولي ..... متمردتاً ... نازقتاً عن زنزانة الجسد
وكأن وجهي لم يعد خجلاً .... ولم يعد يصارع باحثاً عن مخبأ
فكل الكون من حوله كمثلهُ كئيباً .... فينطلق في أرجاء تلك الايام الغائمة يضرب في فجاجها وكأنه يعيش حرية الانتماء ....
وأشعر بفؤادي ينبض بهدوء وكأنه موجٌ يخيل إليك أنه يتحرك
ولكن أشعر أنه لا يتواري خلف صدري ولا أنه ينبض بهدوء سعياً للموات
بل فقط يفعل ذلك لان كل ما حوله هادئ مثله فهو يحترم الهدوء ويبجله بل ويحاكية ويقلده
حتي هواء تلك الايام الباردة ...ذاك الذي يثير في داخلي رجفةٌ قاسية
ولكم أستلذ رجفته الباكية
وكأني ماسوشياً يستلذ الآلم , إلا أنه يكن ألماً حلواً لا أستشعر فيه الأه ولا أتذوق فيه مجمل الوجع
ربما لأني ومن داخلي كائنٌ هادئٌ حد البرود ولذا لا يجد في رجفة البرد معني الآلم
إلا أني أدرك أن عشقي للأيام الغائمة نابعٌ من محاكاتها لظلمة روحي البائسة
وبكائي عند سقوط المطر ليس بكاءاً لسقوط المطر بل هو سقوط المطر لبكاءي وكأن الطبيعة هي التي تحاكي ذاتي ...... وكأنها تتشبهني ........ وكأنها تقلدني
هذا أنا ........ تحاكيني الطبيعة فينةٌ
وأحاكيها أنا فينةٌ أخري